على قدر حاجة الناس للدين لا يستقيم خلق ولا يستقيم للناس حياة دون دين ومن اضاع الدين اضاع الدنيا إذ بقدر حاجة الناس للدين بقدر ما يمثل الدين خطورة اذا لم يفهم على حقيقته اذا وقعت اساءة فهمه وكثيرا ما يحصل في زماننا هذا ان يصبح الدين كأنه نقمة بينما الله سبحانه وتعالى قال "اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا" .
الاسلام نعمة وإذا أسيء فهمه يتحول إلى نقمة.
يمكن ان يتحول الدين الى جبرية و عطالة وكسل ويمكن للدين ان يصبح اساسا لاستغلال جهود الاخرين ويمكن للدين ان يفهم على انه ارهاب وانه سفك للدماء واعتداء على الابرياء.
ان الامة الاسلامية في زماننا بقدر ما تحقق من مكاسب ومن انتشار في العالم بقدر ما تمثل إساءة فهم الاسلام خطرا على الامة جمعاء .
توسعت دائرة المسلمين في العالم اليوم بفضل تقنيات التواصل الحديثة التي ساهمت في التعريف به و العودة اليه الا ان هذا الانتشار يهدد اليوم بظاهرة الارهاب.
الارهاب قائم على تأويلات باطلة للدين تأويلات تجيز سفك الدم البريء و النبي صلى الله عليه وسلم يقول "لا يزال الرجل في فسحة من دينه ما لم يسفك دما بريئا"، والقرآن صريح في هذا (مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا ) .
مقصد عظيم من مقاصد الشريعة الحفاظ على النفوس وليس هدرها، حفظ الدماء وليس سفكها.
وضعت شروط دقيقة للخروج من الاصل الى الاستثناء، الاصل هو المحافظة على النفوس اما الاستثناء فالقتل هو لدفع العدوان "وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلوكم ولا تعتدوا ان الله لا يحب المعتدين" ،النبي عليه الصلاة والسلام صاح في وجه اسامة عندما قتل رجلا كان يصارعه حتى اذا تغلب عليه وأوشك ان يجهز عليه نطق بالشهادتين ، ولكن اسامة اكمل الاجهاز عليه وعندما سأله النبي مستنكرا غاضبا ماذا فعلت قال له ما عساك تقول في "لا اله الا الله" قال اسامة قالها تحت لمعان السيف قال له النبي الاكرم هل شققت على صدره.
الاصل اخذ الناس على ظواهرهم، والاصل حفظ النفوس
أن الكفر ليس مبررا لسفك الدم لأن الله سبحانه وتعالى خلق الناس احرارا و لم يفرض دينا عليهم بالقوة و هو القادر سبحانة بل قال في محكم تنزيله ( لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ ) (وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآَمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ ) [يونس : 99] { فذكر إنما أنت مذكر . لست عليهم بمسيطر} ماهي مهمتك؟ ( وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر) لذلك الله تعالى ( إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ ۚ ).
اليوم هناك توسع هائل في سفك الدم وأكثر الدماء التي تهدر عن طريق الارهاب اي عن طريق الفهم الخاطئ للاسلام، الفهم المعوج المنحرف الذي يستسهل سفك الدماء اغلب الضحايا هم من المسلمين والاسلام لا يجيز ان تكون الضحية مسلمة او غير مسلمة لان الاصل هو حفظ النفوس.
الاصل في التعامل مع الأمم الاخرى هو الدعوة وليس ان نقتله لانك ان قتلته لم تفعل شيئا لكن ان تنقذه لتنذر من كان حيا نحن نريد ان يحيا الناس (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ)، فهذه دعوة للحياة وليست دعوة للموت.
بعض الناس حولوا الاسلام دعوة الى الموت والى سفك الدم
10 ملايين في فرنسا من المسلمين مهددين اليوم بسبب حماقة البعض ودعواه انه يدافع عن الاسلام وأنه يدافع عن النبي عليه الصلاة والسلام فيتسبب ذلك في تهديد حياة عشرات الملايين في فرنسا وفي غير فرنسا وان تنشر صورة عن الاسلام انه ضد الحرية، ضد حرية التعبير والفكر وضد حرية الاعتقاد والاسلام بريء من ذلك وهؤلاء الذين يزعمون انهم يدافعون عن حرمة النبي صلى الله عليه وسلم لا يستطيعون ان يطبعوا القرآن طبعة جديدة تنتزع من القرآن ما كان يردده من شتائم للنبي صلى الله عليه وسلم.
القرآن مازلنا نقرأ فيه ان الجاهليين قالوا في النبي صلى الله عليه سلم انه ساحر وأنه كاذب وأن الجن تلقنه القرآن وأنه مجنون،هذا كله موجود في القرآن الكريم.
هذه الشتائم الثقيلةفي القرآن اوردها ما قال الجاهليون في النبي صلى الله عليه وسلم ودافع عنه بأنه ليس ساحرا "يس. وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ. إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ. عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ. تَنزِيلَ الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ" بحيث الدفاع عن الاسلام وعن النبي ليس بقتل من يشتم وانما بإظهار حقيقة النبي صلى الله عليه وسلم وإظهار دعوته وسيرته على حقيقتها لذلك هو يقول ساحر كذاب انت أظهر صدقه ونحن الطرف الضعيف في العالم نحن اكثر من تضرر بسلب الحريات والضعيف هو الاحوج الى الحرية.
صحيح نحن نستنكر كل ما يشنئ النبي صلى الله عليه وسلم فهو الابتر (إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَر* فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ* إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ)، هو الابتر حجة فكل هذه الاتهامات التي روجت والسخرية من النبي صلى الله عليه وسلم لا يمكن لعاقل الا ان يستنكرها ولكن كيف؟ ليس بأن نزيد الطين بلة ونعقد حياة المسلمين ونضيق عليهم ونصب الزيت على النار ونعطي فرصا للمتطرفين من اليمين المتعصب للحرب على الاقليات المسلمة.
ثلث المسلمين في العالم هم اقليات،هؤلاء حياتهم كلها مهددة بحماقة الارهاب. بأن يضيق عليهم ويهجروا ويقتلوا او ان تحرق مساجدهم. كل ذلك بسبب حماقة الحمقى في هؤلاء يمكن ان تقرأ (قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالأخْسَرِينَ أَعْمَالا (103) الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا (104) لذلك مطلوب ان نعلم اولادنا الاسلام الصحيح القويم .
افة الارهاب لا تخص بلدا معينا بلادنا في الاسبوع الماضي كم ازهقت من روح؟ المسلمون يقتل بعضهم بعضا في العالم كله الان. مسلم يذبح مسلما من الوريد الى الوريد باي معنى هذا؟ من علم هذا الشباب من اين اتى بهده الجرأه على سفك دم ؟ لولا هذه السموم التي تجري في الثقافة الاسلامية والمطلوب تنقيتها من هذه البذور السامة بذور الارهاب التي بدل ان ترسخ في نفوس المسلمين محبة المسلم والأخر تزرع الشقاق والفراق وتشحن قلوب عدد من الشباب الجاهلين بهذا العنف المسموم الذي يتسابق الى ذبح المسلم وغير المسلم.
تناول الشيخ راشد الغنوشي في خطبة الجمعة ليوم 29 ماي 2015 موضوع إدارة الإختلاف في الدول العربيّة عموما و تونس خصوصا كهاجس ...
قراءة المزيدتحدث الشيخ راشد الغنوشي خلال خطبة الجمعة الموافق للثاني والعشرين من شهر ماي 2015 عن أهمية قيمة العمل خاصة خلال الظروف ال ...
قراءة المزيد