السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، الحمد لله الذي اتم علينا نعمة الحرية وهي منة عظيمة من الله سبحانه وتعالى ومهمة من مهمات الرسل تحرير الشعوب من الطغيان والجبروت يحل الله الطيبات ويحرم عليهم الخبائث ويضع عليهم اسرهم والاغلال التي كانت عليهم فالنبي صلى الله عليه وسلم حدد الله مهمته في سورة الاعراف بأنه يحل الطيبات ويحرم الخبائث ويكسر الاغلال ويرفع عن الشعوب تكبل العقول والنفوس والقلوب حتى لا تكون الشعوب ترزح وطئة تحت المذلة والهوان والفقر والجهل فالانبياء عليهم الصلاة والسلام ارسلهم الله محررين.
اعظم من قاد ثورة في العالم هم الابنياء عليهم الصلاة والسلام واعظم ثورة حدثت في تاريخ العدل والحرية والمساواة بين الشعوب وما كره الناس لا اله الا الله في ذاتها وانما لأنها كانت تسوي بينهم وبين عبيدهم فحتى الحج كانت قريش لها حجا خاص بها فجاء الاسلام.
قال تعالى "ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ"، فكان للناس لباس واحد يجعلهم يتشابهون كما ولدتهم امهاتهم.
نحن في هذه البلاد نحتفل بالذكرى الرابعة لثورتنا العظيمة التي كانت منة من الله سبحانه وتعالى اخرجنا من ظلمة الفساد والاستبداد والتعذيب والقمع الى انوار الحرية التي سمحت لنا ان نلتقي مثل هذه اللقاءات وعلى امتداد البلاد اليوم يتحدثون بحرية ليسوا ملزمين بورقة تأتيهم من مؤسسات الدولة وإنما يخطب كل امام بما هداه الله سبحانه وتعالى اليه من المواعض ومن الحكم ومن التوجيهات كذلك ما يفعله الصحفيون يكتبون ما شاؤوا وكذلك يفعل اساتذتنا وخطباؤنا وشبابنا وفنانونا هذا هو النظام الجديد نظام الحرية التي تليق بالانسان، ولذلك حق للتونسيين ان يكتفوا بهدم الباطل ممثلا في النظام القديم والنظام القديم يعني نظام الحزب الواحد والرأي الواحد والزعيم الواحد والمال الفاسد المحتكر عند فئة معينة من الناس والاعلام الخشبي.،هذا هو النظام القديم الذي تضرر منه الناس وملأ السجون خلال 60 سنة والناس مقموعون خائفون مرعوبون هذا هو النظام الذي قامت الثورة لهدمه لتحل نظاما جديدا نظام حرية الاحزاب والجمعيات حرية الصحافة والتعبير والانتخابات الحقيقية التي لا يعلم من سيكون الفائز فيها لاخر لحظة وتونس وحدها في العالم العربي تتوفر على هذا الخير لذلك حق للتونسيين ان يحمدوا الله سبحانه وتعالى ان حررهم من نظام الفساد والاستبداد وأكمل عليهم دينهم وبدل عسرهم يسرا نحن في نعمة كبيرة والذين يتحدثون عن عودة النظام القديم يخلطون بين امرين بين الاشخاص والانظمة.
الثورات لم تأت للقضاء على الأشخاص الذين كانوا ينتمون الى حزب التجمع، كانوا 3 ملايين، الثورة لم تأت لتجهز عليهم وإنما اتت لتجهز على النظام.
عندما جاء النبي عليه الصلاة والسلام هدم النظام الجاهلي بما هو اصنام و بما هو فساد واستبداد وعنف في الارض وكانت سياسة النبي صلى الله عليه وسلم هي هدم النظام وليس الاشخاص. كانت هداية الاشخاص وليس القضاء عليهم.،كان يريد هدم نظام الاصنام وما بني على ذلك النظام من اعوان الفساد.
وكانت سياسته عليه الصلاة والسلام قائمة اما على الاصلاح، تغيير المضمون او تغيير الشكل والمضمون مثلا الحج لم يعد قائما على التمييز بين قريش وغير قريش وتمجيد الاصنام فأصلح نظام الحج.
كان مما يردده العرب من اصول التعامل عندهم انصر اخاك ظالما او مظلوما جاء ابدل المضمون قال هذا صحيح لكن كيف ننصر اخانا ظالما قال ان تأخذ على يده ان تمنعه من الظلم فهذه قائمة في التعامل الجاهلي ابقى عليها ولكن غير مضامينها لكن اشياء اخرى ابطلها فقد هدم الاصنام بالجملة وهدم كل نظام يقوم عليه بينما ابقى نظام العائلة مثلا اي التضامن الاسري عندما يقع احد في دم بمعنى ان يقع قتل على وجه الخطأ فهنا الدية فأوجد نظاما عائليا كما في الجاهلية العائلة تتضامن في دفع الدية فأبقى هذا النظام وهكذا نحن ثورتنا لم تكن ثورة دموية كما كانت ثورة النبي صلى الله عليه وسلم لم تكن دموية وإنما كانت ثورة عفوية، عندما فتح مكة لم يعمل في اهلها السيف وانما اعمل فيها سيف العفو.
قال "اذهبوا فأنتم الطلقاء" هدم النظام و ابقى على الاشخاص بل نقلهم من نظام الجاهلية الى نظام الاسلام فأصبح عكرمة الذي كان يحارب الاسلام يدافع عنه واصبح خالد بن الوليد وعمرو بن العاص وصفوان ابن امية الذين كانوا قادة في الجاهلية قادة في الاسلام. غير مضامينهم ولكن ابقى على الاشخاص لان الاسلام جاء ليحيي الناس وليس ليعمل فيهم السيف فالاصل هو الابقاء على الحياة وليس هدرها لذلك الذين يقولون النظام القديم ماذا يعنون بالنظام القديم؟هم يخلطون بين الاشخاص وكأنا الاشخاص الذين كانوا موجودين قبل الثورة مطلوب محوهم بينما المطلوب هو تغيير المضامين.
الذين عادوا الى الحكم من النظام لم يعودوا يحملون الاصنام القديمة الحزب الواحد والاعلام الخشبي وانتخابات 99 %،هذه كلها سقطت كما سقطت اللات والعزة وهبل ودخلوا في النظام الجديد في الديمقراطية كما دخل اهل الجاهلية في ذلك الوقت في النظام الجديد، مع ان قومنا لم يكونوا مشركين ولا كفار والخلاف هو خلاف في السياسة وليس خلافا في العقيدة فهذا الشعب كله مسلم وإذا كان الاسلام قد استطاع ان يحتوي الجاهلية فمن باب اولى ان ثورتنا ينبغي ان تحتوي النظام القديم بمعنى تحتوي اشخاصا تدرجهم في النظام الجديد نظام الحرية والديمقراطية والمساواة بين المواطنين واستقلال القضاء.
هذا هو النظام الجديد ، اهم خلط في هذا اليوم الخلط بين الانظمة وبين الاشخاص ويحسبون ان الثورة هي القضاء على الاشخاص او تحييدهم واخراجهم من الساحة الى الابد. بأي حق؟ هناك عدالة انتقالية من ارتكب منهم ذنبا وخطيئة يمكن محاسبته لكن كمجموعة ليس هناك عقاب جماعي لذلك توفقت بلادنا الى تجنب ما وقعت فيه ثورات الربيع العربي عندما خلطت بين الانظمة والاشخاص وعملت على ان تقيد الاشخاص. بطبيعة الحال من يقبل هذا؟ ليس شخص او اثنين او ثلاث؟ مئات الالاف من الناس الذين كانوا في التعليم والصحة والشرطة والجيش والصحافة، نظام كامل كيف يمكن تحييده؟ هذا ليس ممكنا، لكن يمكن ان نحيل النظام بمعنى الاسس يعني الاستبداد والفساد والرشوة هذه التي ينبغي احالتها على المعاش ولكن الاشخاص ينبغي فسح المجال امامهم حتى يتخلوا عن النظام كما دخل اهل الجاهلية.
في افريقيا على الرغم من بشاعة هذا النظام فإن ثورة نلسن مانديلا افسحت المجال امام اهل ذلك النظام. لكن عليكم ان تتخلوا عن النظام العنصري، التمييز بين الناس على اساس اللون هذا امر ينبغي هدمه كما هدم نظام الاصنام ودون حلول وسطى ولكن بالنسبة للاشخاص افسح لهم الدخول في الدين الجديد فاصبح الناس بنعمة "وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها" اصبح الناس في هذا الدين الجديد اخوانا متحابين، نحن والحمد له ربنا وفقنا الى ان نسلك سياسة التوافق سياسة الوحدة الوطنية وهذا مبدأ من مبادئ ديننا ربنا سبحانه وتعالى قال لنا "واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا واذكروا نعمة الله عليكم اذ كنتم اعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته اخوانا".
تحقق من اهداف الثورة ،الحرية التي نمارسها فالتونسيون كلهم ينعمون بالحرية ولم يكونوا كذلك منذ 60 سنة دون بقية اخوانهم العرب.
الهدف الثاني هو تحقيق العدل الاجتماعي،تحقق العدل السياسي بين التونسيين و المطلوب ان نحقق العدل الاجتماعي،لتكون بلادنا ليس فيها عطالة او بطالة او شبابا يشكون من البطالة، بلاد نظيفة فيها تنمية.عندما تنتقل من منطقة الى منطقة لا تشعر أنك انتقلت من عالم الى عالم،عندما تنتقل من بنزرت او من سوسة الى قفصة لا تشعر انك انتقلت من عالم الى عالم.،نحن لا نريد للمتقدم ان يتأخر ولكن نريد للمتأخر ان يتقدم.،نريد للمتقدم ان يزداد تقدما ولكن نريد للمتأخر ان يلحق حتى يشعر الناس ببركات هذه الثورة وأنها ليست كلاما انما هي افعال تعيد للبلاد رونقها وتعيد للبلاد العدل وتجعل هذه البلاد نموذجا للعدل والتنمية والنظافة والمساواة والحرية ونحن بالغون هذا اذا واصلنا سياسة التوافق.
المفروض نحن الان جميعا ننتمي الى منظومة واحدة شكلها دستورنا نحن جميعا دخلنا تحت سقف الدستور. دخلنا تحت خيمة هذا الدستور وكل من دخل تحتها فهو اخونا ومواطن يتمتع بكل حقوق المواطنة ومن حقه ان يشارك في الحكومة وأن يشارك في النظام الجديد دون اي معنى من معاني الاقصاء لان الثورة انما قامت ضد الاقصاء لو لم يكن اقصاء الاسلاميين واليساريين وغيرهم لما قامت ثورة في البلاد.،اذن حتى لا تقوم ثورة اخرى ينبغي ان نكف عن الاقصاء وان ندخل جميعا تحت خيمة هذا الدستور اخوانا مواطنين نتعاون على ما فيه خير البلاد والعباد.
تقديم ترجمة إنقليزية لكتاب الأستاذ راشد الغنوشي الحريات العامة في الدولة الإسلامية بالولايات المتحدة الأمريكية ...
قراءة المزيدمن اهم جلسات ندوة "الدين والدولة في الوطن العربي" التي نظمها مركز دراسات الوحدة العربية بالاشتراك مع المعهد ال ...
قراءة المزيد