• الشعب هو الذي يحدد ماهو الدين.. • الدولة التونسية دولة إسلامية... • لا حلول خارج الدولة والقانون... • لهذا تأخر وعينا بالخطر الجهادي... • الصيد رجل المرحلة...
• نتعاون مع النداء لما فيه خير البلاد
هذا هو الحوار الشامل الأول الذي يدلي به السيد راشد الغنوشي زعيم حركة النهضة لجريدة «المغرب» منذ عودتها إلى الصدور في أوت 2011..
لقد حاورنا على امتداد هذه السنوات الأربع جلّ القيادات النهضوية الفاعلة ولكن تعذّر ذلك دوما مع رئيسها ومؤسسها..
وجاءت الذكرى 34 لتأسيس حركة النهضة (حركة الاتجاه الإسلامي آنذاك) لتتاح لنا فرصة اللقاء والحوار المباشر...
لقد أردنا أن نغوص – قدر الإمكان – في فكر الرجل وتصوره لما هي حركة النهضة اليوم من الناحية الفكرية والعقائدية.. ما الذي تغيّر وما الذي بقي من حلم البدايات ولم ننطلق من ذكرى التأسيس الرابعة والثلاثين بل من البدايات الأولى التي تعود إلى أواخر سنة 1969
. هل ما زالت الحركة متمسكة بطوبا الدولة الإسلامية وتطبيق الشريعة؟... وما معنى اليوم في تونس 2015 حركة إسلامية؟ ولِمَ تأخر الوعي بخطورة السلفية الجهادية على البلاد؟
وبالطبع لم يغب عن هذا الحوار الجانب السياسي وتقييم أداء الحكومة والوضع العام للبلاد.. ونجد هنا راشد الغنوشي كداعم متحمس للحكومة وكمحذّر من المخاطر التي تهدد البلاد...
في هذا الحوار تكتشفون – أو تعيدون اكتشاف – حركة النهضة كما يراها اليوم رئيسها ومؤسسها..
• منذ 1970، 45 سنة مضت من الجماعة الإسلامية إلى الاتجاه الإسلامي إلى حركة النهضة، قبل الثورة وبعدها، ماذا تبقى من حلم البدايات، وقد تزعمتم الحركة طيلة كامل هذه الفترة؟
بقيت النهضة
• تريد أن تقول بقي «الشقف» على حد العبارة الشهيرة للزعيم النقابي الراحل الحبيب عاشور؟
أجل، كما بقي الإسلام الذي يتفاعل مع عصره وبيئته ويتجدد.
• ماذا تقصد بقولك «بقي الإسلام»؟
النهضة ليست مجرد مشروع ديمقراطي، نعم هي مشروع ديمقراطي ولكن يستند ويقف على أرضية الإسلام ومتمسك بها. ولنا ثقة كاملة أن الإسلام قادر على الاستجابة لمتطلبات البيئة ومتطلبات العصر قادر على التفاعل إيجابيا، وقادر على أن يطور المتمسكين به.
• هناك قراءة تقول إن الحركة الإسلامية انطلقت كحركة متشددة فيها تطرف وغلو وبعد 45 سنة انتقلت إلى الاعتدال، هل توافق على هذا التوصيف؟
الموقف الأيديولوجي للحركة لم يكن نابعا من بيئتها في البداية لكنه أخذ يتفاعل معها، ونشأت بين الحركة وبيئتها بعد الصراع علاقة «صداقة»، لتؤثر البيئة في فكرة النهضة وتؤثر النهضة في البيئة.
في البداية كان الظن أن التأثير سيكون من جانب واحد، لدينا مشروع ظننا أننا سنغير به البيئة لكن اكتشفنا مع مرور الوقت أن التأثير متبادل بين الفكرة الأولية وبين هذه البيئة التي قبلت من المشروع ما قبلت ورفضت منه ما رفضت. كما أن الفكرة الأصلية احتفظت لنفسها ما اعتبره جوهريا وتخلت عما اعتبره ثانويا.
• ما الذي تعتبرونه ثانويا، في تصوركم للإسلام، - هل هي الحكومة الإسلامية - وما هو الأصلي الذي أبقيتم عليه؟
الذي أبقينا عليه هو القيم، قيم كرامة الإنسان وحريته واعتبار الإنسان كائنا أخلاقيا.
• يفهم من كلامك أن بقيت القيم وانتهت النظم؟
ليس هكذا، لقد بقيت القيم وذهبت الكثير من الأشكال.
• اليوم في 2015 وبالتزامن مع الذكرى 34 للإعلان عن تأسيس الحركة هل مازلتم تطرحون على أنفسكم بناء الدولة الإسلامية؟
نحن نعتقد أن تونس اليوم دولة إسلامية والدستور يتضمن فصلا يقر بأن الدولة تستند إلى الإسلام أما كيف نفهم الإسلام فهذا مرتبط بالبيئة والناس وتطورهم والمشاكل التي نعيشها ونوعيتها.
لم نعد اليوم في قطيعة مع الدولة ومشروعنا لم يعد نسفها وإحلال دولة أخرى محلها.
اليوم أصبحت فكرتنا إصلاحية أي إصلاح ما هو موجود باعتبار أنه إثر الثورة ما هو موجود بات قابلا للإصلاح وللحقيقة لو وقع قبول مطلبنا ومنحت لنا تأشيرة في 1981 كان سيتم احتواؤها في إطار الدولة القائمة ففكرتنا كان فيها من المرونة ما يجعلنا نتجه للقانون ونطالب بمنحنا تأشيرة.
وأقول هنا انه ربما لم تكن تونس تحتاج لثورة إن تم احتواء الفكرة الإسلامية ولم يقع تزوير الانتخابات في 1981 و1989.
نحن لم نكن بحاجة لثورة لكن تكلس النظام ورفضه للتجدد واحتواء القوى الجديدة التي أفرزها المجتمع مما استوجب «ثورة» ليقع فرض التجدد إذ لم يكن ممكنا حدوث ذلك في ظل المنظومة. فكان التجدد ثورة.
• هناك انطباع بأن حركة النهضة تخلت عن فكرة الشريعة لكنها ترفض الإفصاح عن ذلك ربما لاعتبارات داخلية وعدم إحداث صراع على يمينكم، ألا ترون أن الوقت الراهن مناسب للإفصاح عن حقيقة تصوركم؟
أنا أؤكد أن الحركة ليس لها «وجه وقفا» أو ما يظنه البعض من أن للحركة ما تخفيه أو لها مشروع خفي.
• ليس هذا جوهر السؤال ولكن المقصود أن هنالك بونا بين نصوصكم التأسيسية وواقع الممارسة الحركية ولكنكم لا تريدون القطع النهائي مع نصوصكم التأسيسية هل يعود هذا ربما لأسباب عاطفية؟
نحن لنا علاقة مع الإسلام صميمة، فنحن مسلمون حقا نؤمن بالإسلام كاملا، ونؤمن أن الإسلام قادر على استيعاب كل ما هو نافع للحياة، فكل ما هو نافع هو شرعي حتى وإن ظهر عكس ذلك وهذه نظرية قديمة.
الشريعة عدل كلها ومصلحة كلها وكل ما لم يكن عدلا ومصلحة ليس من الشريعة حتى وإن ظهر في لباسها.
• هذا قول لفقهاء ومفكرين وفلاسفة، الناس لا يفهمون مثل هذا القول لماذا لا تحدثون التونسيين بما يفهمون؟
نحن نقول إنه لا سلطة خارج سلطة الشعب وسلطة الشعب تعبر عن نفسها في هيئات ومن جملتها الهيئة التشريعية ولا وجود لوصايا على المجلس التشريعي في إطار نظرة تقوم على أن سلطة الشعب مطلقة لكن من الناحية الواقعية سلطة الشعب تتحرك في إطار من الثقافة والقيم والتاريخ والسياق ونحن لا نحمل مشروعا نخفيه ونتربص الفرص للزج به، نحن جزء من هذا الشعب الذي نعتبره مسلما كما نعتبر الدولة بدستورها مسلمة.
نحن لا كنيسة لنا تحمل ميزان الشريعة لتحدد ما هو شرعي وما هو غير شرعي لذلك فإن سلطة الشعب هي التي تحدد ما هو الدين وماذا يطبق منه في هذه اللحظة التاريخية. ولا توجد جهة تمتلك هذه السلطة غير الشعب.
• سلطة الشعب ماذا يحدها من منظوركم، الدين أم هي مطلقة؟
لا كنيسة في الإسلام وبالتالي ما يقرره مجلس نواب الشعب ذلك هو الدين والشريعة قبله بعض الناس أم لم يقبلوه. يبقى النقاش إلى أن يتبلور رأي عام حول ما هو الإسلام في هذه القضية وتعبر عنه المؤسسات.
• أنت تدرك جيدا أن ما يقع نقاشه في مجلس نواب الشعب ليس هذا؟
إن كانت القضية ذات صلة بالدين تتم مناقشة ما هو ديني وإذا كانت لا علاقة لها بالدين، كقانون المرور أو قانون شراكة بين العام والخاص ينظر إليها من زاوية المصلحة وما يقدره الناس أنه مصلحة حتى وإن تدخلت بعض الإيديولوجيات في الموضوع.
وأشير إلى أن نظامنا قائم على التوافق وليس على الفرض، فلا جهة يمكنها أن تفرض شيئا على الأخرى، وحينما جربنا هذا في 2012 – 2013 كاد السقف يقع على رؤوسنا ولم نتجاوز الأزمة إلا بالرجوع إلى منطق التوافق وأدركنا أن الديمقراطيات العريقة هي التي تسيّر بأغلبية أما الديمقراطية الناشئة لا يتم لها الأمر إلا بالتوافق والنقاش والتنازل المتبادل كما فعلنا في الدستور الذي كان يمكن المصادقة عليه بـ 67%، كما هو حال الدستور المصري الذي أدى إلى انقلاب لأن الثلث الباقي اعتبر نفسه غير معني بالدستور والثلث عدد كبير.
نحن في تونس صادقنا على الدستور بـــ 94% لأننا قدّمنا تنازلات لبعضنا البعض.
• إن افترضنا أن حركة نداء تونس قدمت في مجلس نواب الشعب قانونا يقضي بقطع يد السارق، ماذا سيكون موقفكم؟
هذا غير وارد والمذهب المالكي يقول دعها حتى تقع.
• هل أصبحتم مالكيين؟
هذا جزء من الاختلاف بين نقطة الانطلاق والآن حيث أصبحنا مالكيين ونعتبر المذهب المالكي مقوما من مقومات الهوية التونسية والتمسك به يبعد عنا التطرف.
• إذن أنت على قول الزيتونة على فقه مالك وعقد الأشعري وطريق الجنيد السالك»؟
أجل نحن زيتونيون مع بعض الإصلاحات التي تنقيها من الخرافات التي ليست منها.
• بين سنوات 70 - 80 كان شباب حركة النهضة يطالع كتابات السيد قطب وحسن البنّا ومحمد الغزالي وفتحي يكن فماذا يطالع شباب حركة النهضة اليوم؟
يطالع الفايسبوك كما الشباب التونسي لا يطالع الكتب ويقرأ النصوص القصيرة للأسف. ونحن نحاول أن نوفر النصوص القصيرة.
• شبكات التواصل الاجتماعي هي مجال تأثير الجماعات الجهادية التي تقوم بنشر نصوص قصيرة هل تؤثر في شبابكم؟
هذا مجال الصراع من يؤثر فيهم، هم يحاولون ونحن اليوم نحاول أن نقوم بتقديم كتاباتي وكتابات القرضاوي ومالك بن نبي للشباب ليتعرف عليها.
• هناك رأي سائد لدى قادة الحركة بأنكم خسرتم الفضاء المسجدي منذ 2011 إلى اليوم وتركتم المجال للتيارات السلفية بأصنافها...
في سنتي 2011 و2012 استطاع الشباب السلفي السيطرة على عدد من المساجد لكن بعد ذلك بدأ وجوده في المساجد يتراجع لصالح التدين التقليدي التونسي الذي استعاد مكانه شيئا فشيئا. والنهضة موجودة لكن القانون التونسي فرض عليها الاختيار بين النشاط الديني والنشاط السياسي ولهذا خيرنا بعض الأئمة النهضاويين بين إمامة المسجد أو الترشح لمجلس نواب الشعب.
• كثر الحديث عن الفصل بين الدعوي والحركي لكن في ظل الخلط بين الدين والسياسة، فهل من معنى لهذا الفصل؟
هناك مغزى، الدستور فرض الفصل من الناحية الإجرائية وهو لا يتدخل في إيديولوجيات الناس وقيمهم لكن يتدخل إجرائيا ولم يعد ممكنا المزج بين الديني والسياسي، أن تكون قياديا في مؤسسة من مؤسسات المجتمع المدني وقيادة الحزب، بعض إخواننا من مجلس الشورى وقع التنبيه عليهم من قبل الكتابة العامة للحكومة من أجل الاختيار.
• ما دمتم تربطون بين الدين والسياسة فالفصل يكون مجرد تبادل أدوار ليس إلا...
الأذهان لا تهم القانون. هذا الفصل هو مسألة ثقافية، هذا الفصل غير موجود في الأذهان فالإنسان يتصرف ككائن واحد وله مركز ، هذا المركز يكون مشحونا بالدين أو بالإلحاد.
• إذن الفصل بين السياسي والدعوي مسألة تقنية؟
الديمقراطية الفرنسية لها إشكال تاريخي بين الدين والسياسة، أما بقية الديمقراطيات العريقة فالفصل فيها إجرائي، أي الفصل في الوظائف بين المؤسسات الدينية ومؤسسات الدولة دون أن يكون فصلا فلسفيا.
• الديانة المسيحية ليست دينا «شاملا» على عكس الإسلام؟
ملكة بريطانيا رئيسة الكنيسة الانجليزية والانتخابات الأمريكية تناقش فيها المسائل الدينية.
• لو استثنينا البسملة في البداية وسورة العصر في النهاية فلا نجد في الاجتماعات القيادية للنهضة منذ 2011 نظرا في المسائل الدينية والعقائدية ومجلس الشورى لا ينظر إلا في المسائل السياسية وأحيانا السياسوية، أي أنتم في الفصل فعلا...
الدين في أذهاننا، والإنسان له مركز شخصية واحد والدين حاضر وحينما نشتغل في السياسة نعرف حدودنا، وما هو الجائز وما هو غير الجائز وهناك مناطق اجتهاد واسعة.
• يقال إن «حزب الله» وفق الآية القرآنية التي تجمع جل الفصائل الإسلامية يتضمن جماعة تنتصر للحزب كما حركة النهضة وجماعة تنتصر لله كما السلفية والتحرير فما رأيك؟
نحن لا هذا ولا ذاك نحن ننتصر لتونس و»حزب الله» أن تعمل من منطلق أحب الخلق إلى الله أنفعهم لعياله، وأنت عندما تعمل لصالح المجموعة الوطنية بنية دينية واحتساب فإن ذلك عبادة.
• ما هي الحدود العقائدية التي لا تتجاوزونها؟
لا نتجاوز حدود الله، ولا نذهب للحرام، فما حرمه الله حرام وأيضا لا نتجاوز القانون التونسي لأننا ملتزمون به كما نلتزم بالدستور ونعتقد أنهما لا يخالفان الإسلام.
• لكن القانون التونسي يخالف بعض النصوص الصريحة في الإسلام؟
مثل مسألة الخمر لا أحد يفرض على الآخر شربه.
• أنتم تجاوزتم مسألة «جالسه» فبعض القيادات لا تجد حرجا في الجلوس مع شاربيه...
أنا لم أتجاوز وملتزم بحدود الدين والتكليف في حدود المستطاع.
• أي اتقوا الله في حدود القانون؟
بطبيعة الحال حتى القانون إن تجاوزته تتحمل تبعات ذلك.
• كيف يصر راشد الغنوشي ومن خلفه الحركة الإسلامية على تصنيف نصوص المواريث كأحكام قطعية بينما رجم الزاني وقطع يد السارق تدخل في الاجتهاد؟ ما هي فلسفتكم في هذا؟
موقع العائلة مهم جدا في البيئة الإسلامية يمكن أن تسقط الدولة وتبقى العائلة وهي آخر ما يبقى من الدين. وبنية العائلة ليست اعتباطية وكون الذكر يرث ضعف الأنثى فإن ذلك في حالتين من أصل 23 حالة ففي أحكام الميراث هناك الذكر يرث ضعف الأنثى ومنها المساواة في الإرث بينهما وفيها أن الأنثى ترث أكثر من الذكر ومنها أن ترث الأنثى ولا يرث الذكر. هي أوضاع مطّردة وإن كانت تبدو مطلقة.
• هذا ينطبق في ظل عائلة كبيرة، التونسي ما يهمه عائلته الصغيرة، لماذا التشبث بقضية التمييز في المواريث؟
يمكن أن تمضي أكثر وتطرح سؤالا، هل العائلة لازمة؟ وما هو مفهوم العائلة، نحن إما أن ننضبط لشكل العائلة كما جاءت به النصوص. ففي حقيقة الأمر إن وقع نزع النص الديني لا تبقى العائلة، فلماذا حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم وأخواتكم وعماتكم»؟ إن تخلينا عن هذا لا تبقى العائلة ولا يبقى فرق بين أنثى وأخرى في علاقتك بها.
• أنت تعلم علم اليقين أنه في المجتمعات التي لا معنى كبير فيها للدين زواج المحارم منبوذ بالفطرة البشرية
الفطرة البشرية إذ لم يكن هناك هدى يهديها وضوابط فإنها تنهار فكلما تفلّت الناس من الدين وجدنا نكاح المحارم.
• نكاح المحارم موجود في بعض الدول التي تدّعي الإسلام أكثر من أي دولة غربية...
أجل كلما تفلّت الناس من الدين لا يوجد فِرق بين أنثى وأنثى ولا فرق بين ذكر وذكر.
• هناك سؤال ملح جدا، كيف لراشد الغنوشي وهو المطلع عما يعتمل في الساحة الإسلامية أن يخطئ في تقدير الخطر الجهادي في 2012 ويعتبر أنهم شباب يبشرون بثقافة جديدة؟ بماذا تفسر سوء وقلة تقدير هذا الخطر؟
هذه الجماعات نشأت في غيابنا وكنا نتصور أنها نوع من الامتداد لنا نشأ في غيابنا وكنا نتوقع أن يقع استيعابها إثر عودتنا في سياق الفكرة الإسلامية المعتدلة وبدأنا التحاور معهم على هذا الأساس.
• لكن الحركات الجهادية في العالم كانت مبنية على فلسفة مغايرة لفلسفتكم؟
لم تكن لنا تجربة من هذا القبيل نحن في تونس الفكرة المضادة لنا ليست فكرة إسلامية وإنما الفكرة العلمانية الماركسية.
عند نشأتنا الآخر لم يكن سلفيا وإنما العلماني وهو من تكونّا على كيفية مجادلته. هذه الظاهرة السلفية نشأت في غيابنا ولذلك لم نرب أفرادنا على مجادلتهم وفي البيئة التونسية سابقا لم يكن هناك شيعة ولا سلفيون.
عندما عدنا للبلاد وجدنا الشيعة والسلفيين واحتاج الأمر إلى وقت حتى تبرز حقيقتهم فهم لم يمارسوا العنف في ذلك الوقت وما وقع حوادث قليلة.
• ألم يكن في تقديركم أن العقيدة السلفية الجهادية حتى وإن لم تمارس العنف فإنها تبنى على العنف؟
هذه الظاهرة جديدة في تونس ونحن لم تكن لنا تجربة، نحن كنا من بين من طالبوا بإطلاق سراح الجميع من السجون ومنهم السلفيون وتحديدا مجموعة سليمان لأنه لم يكن لنا ثقة بأن المحاكمات كانت عادلة فنحن حوكمنا في نفس المحاكم وكان الرأي العام يدعو إلى إفراغ السجون من الجميع.
إثر ذلك بدأت هذه الظاهرة تكشف عن نفسها وعن أدبياتها.
• متى بالتحديد أدركت خطر هذه الظاهرة ففي 2012 إثر الهجوم على السفارة الأمريكية أعلنت أن الحادث وقع بسبب الاعتداء على المقدسات؟
لا أتذكر التاريخ بالتدقيق لكنه كان بعد الاغتيالات السياسية التي حصلت في تونس فهؤلاء أصبحوا يتبنون منهجا وفي الحقيقة علي العريض كان سابقا للمجموعة في فهم الخطر.
• حينما قال علي العريض في 2012 أن الحرب مع السلفيين ستكون طويلة المدى، لقد عارضتموه في الحركة
علي العريّض كان متقدما علينا بحكم منصبه في وزارة الداخلية وقد حاول إقناعنا بالخطر لكنه احتاج إلى وقت. كانت نقطة الخلاف الأساسية في تلك الفترة هل نحاكم الناس ونسجنهم لأفكارهم وانتمائهم لتنظيم أم نحاسبهم على أفعال والفكرة الغالبة في ذلك الوقت أن الناس لا يحاسبون على أفكارهم وتنظيماتهم وإنما أفعالهم.
• ماذا يقول اليوم راشد الغنوشي؟
الأفعال والأفكار مرتبطة فإن كانت هناك أفكار من ورائها تنظيم يتبنى العنف يجب أن يقع التصدي لهؤلاء.
• بالحديث عن الأفكار والتنظيم شباب الحركة كان أكثر حماسا من الشباب السلفي في الدفاع عن بعض القضايا التي طرحها السلفيون وكان شعار المرحلة في التيارات الإسلامية «وحدة وحدة إسلامية، نهضة، تحرير، سلفية»
لم يكن من السهل الفصل داخل التيار الإسلامي فالناس سجنوا معا وصلّوا معا، الفصل لم يكن عملية سهلة.
• أليس سبب ذلك أنكم وفي بدايات حكمكم أحجمتم عن فتح جبهة على اليمين بعد أن فُتحت جبهة على يساركم؟
لا هي مسألة وعي.
• لكن سمير ديلو الذي لا يمكن أن يعتبر قريبا من السلفية، كان يقول «تريدوننا أن نفتح واجهة مع السلفية ونقتتل، لا لن تفلحوا»؟
أجل، هناك أمران الأول الوعي بخطورة الظاهرة التي لم تترجم عن نفسها أفعالا عنيفة ولكن حينما تبنّت منهاج العنف بدأ التمايز معها ونحن اليوم محتاجون في الحقيقة إلى تنمية أدبيات إسلامية بديلة تكون قادرة على مجادلة هؤلاء ودحضهم فهم يقدمون أنفسهم على أنهم أصحاب الدليل وأنهم متمكنون من الإسلام وخطابهم قال الله، قال الرسول، قال العالم فلان. فنحن لم تكن لنا أدبيات نواجههم بها.
• وهل توفّرت اليوم؟
بدأت تتوفر، حيث وضعنا منهاجا تربويا يفضي إلى تحصين أبنائنا وشعبنا من الأفكار السلفية والشيعية.
• هل تواكبون المراجعات السلفية الجهادية التونسية؟
لست متابعا لها، نحن نرحب بهذه المراجعات ولا نرى أن السلفيين يجب أن يواجهوا بالقتل والسجن. هذا الأسلوب جرب في مناطق كثيرة ولم يؤد إلى شيء بينما الطريقة الأخرى إلى جانب الأمن والقضاء هي المعطى الديني.
نحن ينبغي أن نستقطب مشايخ يدربون علماءنا على مجادلة هؤلاء وإنقاذهم مما هم فيه من الفكر الخارجي.
• هل تعتبر أن السلفية الجهادية هم خوارج هذا العصر، بنفس الشعارات ونفس وسائل العمل؟
نعم، هم بنفس التكفير واستحلال دماء المسلمين.
• على ذكر أنهم خوارج العصر هم منقسمون فالقاعدة تعتبر «داعش» خوارج
هذا الفكر مصيره الفشل لا يمكن أن ينجح فالناس بطبيعتهم متعددون مختلفون وهذه الإيديولوجيا غير قادرة على إدارة الاختلاف. هذا الفكر لا ينتج تعددا ولذلك التعدد داخلهم غير ممكن فالقاعدة تكفّر «داعش» و«داعش» تكفّر القاعدة وهكذا..
• كيف تفسر الجاذبية الكبرى لهذا الفكر لدى الشباب رغم بشاعة الممارسات بالنسبة للعقل الطبيعي؟
لأنها تفتح الباب أمام الحلم إلى الجنة، المتعة السهلة حتى في الدنيا.
فهذا الشباب المحبط يفتح له الباب إلى الجهاد إلى الجنس الحلال وإلى المال وإذا مات فله أفق أعلى فهو يعتبر نفسه ميتا هنا.
هناك منطق السهولة وفتح آفاق مسدودة. مثلا في العراق وسوريا حيث نشأت هذه المجموعات هناك غالبية سنّية مقهورة من طرف التشيع فأتت «داعش» منقذة ولهذا بايعتها قبائل الأنبار بسبب ما قام به الحشد الشيعي الذي ناصره السنة في تكريت فتبين أنهم قطّاع طرق (الحشد الشيعي) حيث نهبوا الأموال واستولوا على الدور ودمّروا فظهرت «داعش» في هذا الإطار كأنها المنقذ.
فإذا كانت القضية شريفة ولم يحملها من هو أهل لها وجاء من يحملها فإن الناس يتجهون نحوه. ولو أن دولة سنية كبرى تبنت الدفاع عن السنة في العراق لما كانت هناك «داعش».
مثلا الآن في غزة لا نرى «داعش» هناك لماذا بينما هي بيئة جهاد؟ لأن قضية الجهاد هناك فصيل يحملها بجدارة، لا أحد يزايد عليه فقد قدّم دماء غزيرة. المغرب مثلا عبر عن اقتدار كبير في
مقاومة هذه الظاهرة بسبب وجود إطار ديني كفء فلا يستطيع هؤلاء «داعش» أن يقولوا أن الملك ليس أمير المؤمنين وأن المساجد مهملة والدين معتدى عليه فالدولة حولها حزام ديني كثيف جدا يدافع عنها وعن تدينها ويجادل خصومها بينما الدولة التونسية هشة جدا لا حزام ديني حولها وإنما حزام أمني وهذا لا يكفي فهي ظاهرة معقدة لا يمكن أن تعالج بعلاج بسيط فهذا الملف الضخم جدا لا يمكن أن نكله لرجال الأمن والقضاء.
في المغرب وقعت حادثة الدار البيضاء ولم تتكرر إذ تم سجن عدد كبير منهم من ثم تمت مجادلتهم وإقناعهم بأخطائهم ومنهم الشيخ الفزازي حكم عليه بـــ 30 سنة سجنا ووقع الإفراج عنه بعد أن تاب فعاد إلى مسجده إماما وصلى وراءه محمد السادس.
• نعود إلى تونس بعد ما قلته في نداء تونس وما قاله فيكم نداء تونس ما لم يقله مالك في الخمر، كيف تنظر لتقاربكم بعد أربعة أشهر من الحكم المشترك؟
نحن لم نقل الشيء الكثير (يضحك) الله قال إن الصلح خير وهو ما تم فالبلاد كانت تعيش على وقع تصادم قطارين بشكل محتم فالنهضة ونداء تونس كانا متجهين للصدام ولكن توفقنا إلى أن نحوّل القطارين ليسيرا في ذات السكة.
• هل تقول، أنكم متحالفون أم متعايشون كيف تصف علاقتكم؟
الرئيس الباجي قائد السبسي استخدم كلمة متعايشون طيب متعايشون لا مشكل في التوصيف فالواقع هو الذي يفرض علينا وعليهم مادمنا في حكومة واحدة أن نعمل على إنجاح الحكومة والتعاون وهذا ما يحدث ويتزايد فحتى الشخصيات الندائية التي كانت في السابق تتأفف من أي اتصال أو أي كلمة وموقف حسن باتت اليوم تتعاون مع النهضاويين في مجلس نواب الشعب وفي تنسيقية الائتلاف الحكومي وفي الحكومة بحيث الأمر الواقع أقوى من أي تنظير.
• وهل هذا التعايش ظرفي أم دائم؟
البلاد استفادت من هذا وهذا ما صنع الاستثناء التونسي.
• حسب آخر سبر آراء 70% من التونسيين و80% ممن صوتوا لحركة النهضة يعتبرون أن الحكومة تمضي في طريق خاطئ، هل تشاطرهم الرأي؟
موقفنا مختلف لا نشاطرهم الرأي هي في الطريق الصحيح.
• ما هي مؤشرات ذلك؟
الانطباع العام ربما صنعه خصوم الحكومة وأسهم فيه الإعلاميون.
كيف يعقل أن يؤثر خصوم الحكومة والإعلام على القواعد الانتخابية لحركة النهضة؟
يمكن ذلك.
• حكومة الحبيب الصيد هل تخطو في نظرك خطوات إيجابية ؟
الرجل جاد ونظيف ومؤهل للنجاح لذلك علينا أن نعطيه الفرصة ولا المبادرة بإعلان الفشل. أعتقد أنه على الجميع أن يقف مع الحبيب الصيد لأن في نجاحه نجاح لتونس وفي فشله فشل لتجربة التحول الديمقراطي وليس من السهل أن تشكل كل يوم حكومة ثم تسقطها هذا فعل أطفال صغار يلعبون على الشاطئ يبنون قصرا من الرمل ويهدونه حال الانتهاء منه.
هذه الحكومة جادة في الإصلاح وينبغي أن نعطيها الفرصة وأن نعينها.
• وهل تعتبر أن الحبيب الصيد هو رجل المرحلة؟
هو محل إجماع من قبل الأحزاب الداعمة له والتي تمثل 80 % من القاعدة الانتخابية.
• كان يمكن أن تدعم هذه الأحزاب شخصا آخر فهل الحبيب الصيد قادر على مواجهة التحديات الراهنة لتونس؟
لا أحد يمكنه مواجهة مشاكل البلاد دون مساعدة ربما الشيء الذي لم تنجح فيه الحكومة هو أنها لم تبلغ رسالتها إلى عامة الناس فهي كمن «يطرز في الظلام» لا أحد يعلم به فالحكومة لم تبلغ التونسيين بأنها جادة في الإصلاح. باختصار مشكل الحكومة هو مشكل تواصل قبل كل شيء.
• مشكل الحكومة تواصل فقط، أم هو مشكل سياسات؟
نجن جرّبنا بعد الثورة 7 حكومات لم تختلف نتائجها نوعيا وهذا دليل على أن الأمر لا يتعلق برئيس الحكومة هذا أو ذاك إنما يتعلق بمشاكل حقيقية في الدولة التونسية بعد الثورة.
كانت المشاكل في الأرض وطموح الناس في السماء فالنظام السابق مثلا كان يحقق برامجه عن طريق العصا والرعب لذلك لم تكن هناك إضرابات واعتصامات لخوف الناس ليس كما هو الحال اليوم فالثورة تضع الدولة على أرضية الواقع.
قيام الدولة الديمقراطية واحترام الناس للقانون وليس الخوف منه يحتاج إلى وقت ولتقدير ما نحن فيه من سوء يجب أن نقارنه بحالات مماثلة عندها سنجد أن كلفة التونسي من أجل الحرية والديمقراطية معقولة جدا وتدل على أن التونسيين أذكياء لم يدفعوا تكاليف باهظة مثل العراقيين والسوريين والليبيين والمصريين وبالتالي علينا أن نترفق بأنفسنا قليلا.
• عمليا، ما هي النصيحة التي توجهها لرئيس الحكومة الحبيب الصيد لمعالجة المشاكل المتفاقمة؟
أقول له استمع للناس يجب أن يجالس رئيس الحكومة الناس وينصت إليهم وإلى مشاغلهم في الــ14 ولاية ذات الأولوية والمحرومة فهؤلاء الناس يحتاجون لمن ينصت لهم ويقول أن لهم الحق وأن الدولة نسيتهم 50 سنة وأن مواردكم ستردّ إليكم وستكونون في سلم الأولويات.
• عمليا كيف ذلك؟
أن يقام مشروع كبير في كل منطقة يجب أن يشعر الناس بأن الحكومة جادة في تغيير أوضاعهم وأن يرى الناس في الولايات المحرومة مشاريع ضخمة تستوعب الكثير من العاطلين عن العمل سواء كان هذا المشروع عموميا أم خاصا.. يجب أن نفتح المجال وأن نغير مما نحن فيه فبلادنا موثوقة بقوانين بالية لا تشجع إلا على الرشوة والفساد والإدارة متعفنة. إن البلاد اليوم محتاجة لإرادة قوية وعلى رجل الدولة أن يتخذ قراراته دون خوف وإن كان تغيير القوانين يحتاج إلى الكثير من الوقت لذا عليه أن يطالب بتفويض ليشرع عن طريق الأوامر.
• هذا الحديث قلته أنت منذ أكثر من شهر ولم يتغيّر شيء..
أجل وسأظل أقوله وأقول أن على الصيد أن يعلم الجميع بأنه سيطبق القانون على الجميع بعد أن يستمع إليهم ويستجيب لهم بالقدر الممكن. فبعد اليوم لا أجر دون عمل ولا خيمة توضع على السكة ولا عامل يعطل مصنعا.
• هذا كلام نظري فتطبيق ذلك قد يؤدي لحرق البلاد..
هذا الأمر لا تقوم به الحكومة فقط بل المجموعة الوطنية التي عليها أن تدرك أن الأمر اليوم ليس قضية سلطة ومعارضة بل أهم شيء اليوم هو هل تبقى الدولة أم لا؟ فالدولة اليوم على الميزان ممكن أن تضيع إن بقينا نتنافس ونتصارع.
إن مهمة رئيس الحكومة ورئيس الدولة والأحزاب هي إثبات أن تونس مازالت فيها دولة وقانون وأنها ستحقق آمال الناس في إطار الدولة فما هو خارج الدولة هو العدم والخراب.
• هذا يدفع للحديث عن حلفائكم السابقين وخصوصا حراك شعب المواطنين الذي تتهمونه تلميحا بأنه خلف ما يحدث بقولكم إن من خسروا في الانتخابات هم من يحرضون على الفوضى؟
الأمن هو الذي سيثبت من هم المورطون ولكن أعتقد أن ما حدث له أسباب موضوعية وليست مؤامرة فقد ضجر الناس وأحسوا بالملل والحال أن لهم مطالب مشروعة لكن هذا لا يجب أن نفاقمه وأن «تزيد الحطب للنار» وهذا ما يفعله السياسيون المحبطون أو الفاشلون.
• من هم السياسيون المحبطون؟
أنا لا يهمني زيد أو عمرو أنا أديت العمل والأمن هو من يثبت من قام بهذا العمل السيء فاستغلال مطالب الناس كما الإضراب الإداري الذي قام به المعلمون عمل فاسد لأن فيه ابتزازا باتخاذ أبنائنا رهائن وهو ما يحزن العائلات لأن رأس مال التونسيين أبناؤهم ومشاهدتهم وهم عائدون من المدارس دون دراسة يجعل من الدنيا تسوّد في عيوننا فبأي حق يحدث هذا؟
نحن نقول إنه لا ينبغي أن نتخذ هذه الوسيلة حتى وإن كنا نعتبر أن المعلمين في وضعية صعبة تحتاج إلى المعالجة.
• إن وقعت محاكمات أو إيقافات للمسؤولين عن هذه الأزمات هل ستساند حركة النهضة ذلك؟
نحن نساند كل عمل يتم فيه تطبيق القانون. يجب أن يطبّق القانون على الجميع وإلا لن تبقى الدولة في تونس فلا دولة بلا قانون.
هل ترى أن هناك محاولات لاستهداف الدولة؟
نعم هناك استهداف للدولة من قبل الإرهابيين والمهربين فهم يستفيدون من الفوضى.
• والسياسيون هل يستهدفون الدولة اليوم؟
ربما، ولكن هذا يثبته البحث القضائي ونحن لا معلومات لنا عمن يحرك الأوضاع.
• ما هي أهداف حركة النهضة من الانتخابات البلدية؟
هدفنا الأكبر أن تنجح الانتخابات لأن جزءا من المشاكل التي نعيشها هو غياب السلطة المحلية التي لو كانت موجودة لتولت حلها فنحن نعاني من تراث الدولة المركزية وجوهر الثورة هو نقل السلطة للشعب لكن ذلك لم نحقق منه إلا توزيع السلطة داخل العاصمة بين قرطاج وباردو والقصبة لكن لا يزال أمامنا توزيعها في كل حي من الأحياء التونسية فإن بلغنا هذا ستحلّ مشاكلنا.
• وما هي طموحات حركة النهضة في الانتخابات البلدية؟
ككل حزب تحقيق أكبر عدد ممكن من المقاعد.
• هناك عالم اجتماع قال إن تطبيق اللامركزية اليوم خطر لأنه سيجعل الصراع داخلي في ظل «العروشية»؟
أنا دافعت عن النظام البرلماني وبررت دفاعي عن النظام البرلماني بأننا أكثر شعب متجانس موحد ولا نحتاج لنظام مركزي لكن الدكتاتورية تريد أن تفرض سيطرتها على الآخرين إذ لا خوف من النظام اللامركزي.
• هل مازلت على هذا الموقف رغم الأحداث القبلية التي شهدتها البلاد؟
أجل، الصراع بين العروش لا علاقة له بالسلطة المحلية.
حاوره زياد كريشان وحسان العيادي
أجرى الأستاذ راشد الغنوشي حوارا مع موقع عربي 21 وفي مايلي أبرز ماجاء فيه ...
قراءة المزيد...
قراءة المزيد